الخميس، 26 نوفمبر 2015

هل كان دخول قصر قرطاج هدف الانتحاري؟


النصف الأعلى لجثة الإرهابي تفتت كليا والنصف الأسفل حرق
نفس الحزام الناسف استعمل في سوسة وحمله إرهابيو باردو


تعهد أعوان الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني -بمقتضى إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب- بالبحث في جريمة العملية الانتحارية والإرهابية التي استهدفت مساء أمس الأول حافلة لنقل أعوان من الأمن الرئاسي وخلفت إلى حد كتابة هذه الأسطر 12 شهيدا و20 جريحا إضافة إلى مقتل منفذ الهجوم.


وفي هذا السياق ودون التعمق في تفاصيل الأبحاث احتراما لسريتها وحفاظا على حسن سيرها ونجاحها، فقد علمنا ان الأعوان عاينوا أمس للمرة الثانية موقع التفجير الانتحاري بحضور حاكم التحقيق المناب وممثل النيابة العمومية وأعوان من الشرطة الفنية والعلمية واستمعوا لشهادات عدد من أعوان الأمن الرئاسي الناجين من الحادثة إضافة إلى عدد من شهود العيان يتردد ان من بينهم حارس سيارات بالقرب من المكان لجمع أكثر ما يمكن من معطيات حول الجريمة النكراء.

وحسب المعطيات المتوفرة فان الانتحاري يرجح انه شاب في بداية العقد الثالث من العمر، لم يكن ملتحيا، وكان يحمل سماعات في أذنيه وحقيبة رياضية صغيرة الحجم، ترجل نحو الحافلة التي كانت متوقفة بالنهج المحاذي لمقر التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وصعد على متنها، وهو في حالة تبدو عادية جدا ولم تظهر على ملامحه اي علامات قلق او اضطراب وأخذ له مكانا بأحد المقاعد الأمامية القريبة من السائق وهو الملازم طارق بوسنة.

السائق يتفطن

ووفق معلومات تحصلت عليها «الصباح» فان الشهيد البطل الملازم طارق بوسنة التفت إلى الانتحاري وقال له حرفيا «تفضل» فأجابه الإرهابي بكل برودة دم «زميل».. استراب السائق منهذا الشخص خاصة وانه يعرف جل الأعوان تقريبا فطلب منه الاستظهار ببطاقته المهنية قائلا له»أعطيني البطاقة»، في الأثناء تفطن أربعة أعوان للأمر فتركوا مقاعدهم واقتربوا من «العون المزيف» لاستجلاء الحقيقة.. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان…

تفجير حزام ناسف

نهض الانتحاري من مكانه وتظاهر على الأرجح بسحب البطاقة المهنية ثم صاح بأعلى صوته في وجه الأعوان»الله اكبر.. الله اكبر» وفجّر نفسه، ما أدى إلى استشهاد 12 عونا امن أولهم السائق وإصابة عشرين ومقتل منفذ الهجوم الذي انشطرت جثته إلى نصفين قبل أن يحترق النصف العلوي منها بالكامل فيما لم يبق من النصف السفلي سوى الساقين اللذين لحقت بهما أيضا حروق بليغة.

العلاقة بين تفجير سوسة والعاصمة

في انتظار ظهور نتيجة تحليل الحمض النووي(ADN) التي تعهدت بإجرائها الشرطة الفنية والعلمية بالمخابر العلمية والجنائية التابعة لوزارة الداخلية، وبالتالي تحديد هوية الانتحاري كشفت الأبحاث الأولية المجراة ان الأخير كان حاملا لحزام ناسف يحتوي على كمية من مادة «سام تاكس»(Semtex) الشديدة الانفجار والتي تفوق قوتها التفجيرية القوة التفجيرية لمادة «تي ان تي» بثلاثين في المائة والتي يصعب كشفها بأجهزة كشف المعادن لاحتوائها على مادة البلاستيك.

وقالت مصادر امنية مطلعة ان الكمية المستعملة من هذه المادة ذات اللون البرتقالي لا تتجاوز مبدئيا الرطل، اي ما يوازي العشرة كيلوغرامات من المواد المتفجرة غير تقليدية الصنع، مضيفة ان نفس المادة المستعملة في التفجير كان استعملها الإرهابي الذي خطط لتفجير نزل بسوسة في أكتوبر 2013 باستعمال حزام ناسف ثم فجر نفسه على الشاطئ عندما أدرك انه سيقع في قبضة الأمن ما أدى إلى مصرعه وانشطار جثته إلى نصفين وهي نفسها التي حجزت في الحزام الناسف الذي حجز لدى احد منفذي الهجوم على متحف باردو وفي أحزمة ناسفة حجزتها المصالح الأمنية في عمليات استباقية العام الفارط.

ليبيا.. الخطر

ورجحت نفس المصادر أن يكون هذا الإرهابي المكنى ابو عبد الله التونسي وفق ما أعلنت داعش قد تسلل إلى تونس او دخلها بجواز مزور بعد ان تلقى تدريبات عسكرية في معسكرات داعش بليبيا على يد الإرهابي التونسي الخطير ايمن الزوالي(23 سنة) الذي يتردد انه حل محل الإرهابي احمد الرويسي في تدريب الجهاديين والذي يعتبر من ابرز الضالعين في الإرهاب ومطلوب للسلط الأمنية والقضائية التونسية على خلفية مخطط تفجيرات المنستير وسوسة عام 2013، وهو ما يؤكد الخطر المتواصل المتسلل إلى تونس من ليبيا ما دفع السلطات التونسية أمس إلى إقرار غلق الحدود مع ليبيا لمدة نصف شهر مبدئيا.

«داعش» يتبنى

ومثلما انفردت بنشره»الصباح» في عدد أمس فقد تبنى ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية» (داعش) أمس الأربعاء في بيان مقتضب عملية تفجير حافلة نقل أعوان الأمن الرئاسي، وقال في بيان نشره على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن منفذ الهجوم يدعى «أبو عبد الله التونسي»وأنه تمكن «من الانغماس في حافلة تقل بعض عناصر الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس وسط العاصمة التونسية، وعند وصوله إلى هدفه فجر حزامه الناسف ليقتل قرابة العشرين»، حسب تعبير البيان، ولكن الحصيلة الرسمية لعدد الشهداء لم تتجاوز الى حد كتابة هذه الأسطر 12 فيما تجري التحاليل الجينية لتحديد هوية الانتحاري.

هل خطط الانتحاري لتفجير في قرطاج؟

في قراءة لما قد يكون حصل خلال حوالي ثلاثين ثانية داخل حافلة نقل اعوان الامن الرئاسي، رجحت بعض المصادر وجود سيناريو ثان للانتحاري، ولكن سائق الحافلة أحبطه من خلال تفطنه إليه، مشيرة الى ان جلوسه على مقعد(ان صحت الرواية) وكأنه عون بالأمن الرئاسي يحيل الى احتمالين لا ثالث لهما، فاما انتظار قدوم المزيد من الاعوانوصعودهم الى الحافلة ثم تفجير نفسه لإيقاع اكبر عدد ممكن من الضحايا او كان يخطط لبلوغ قصر قرطاج لتفجير نفسه هناك، خاصة مع صعوبة الكشف عن المواد المتفجرة التي يحتوي عليها الحزام الناسف، وهي فرضية مستبعدة مبدئيا لصعوبتها امام الإجراءات الأمنية الصارمة بمحيط قصر قرطاج وعمليات التفتيش الدقيقة لكل العربات والأشخاص الوافدين.

حالة تاهب

يذكر ان وزارة الداخلية رفعت أمس درجة التأهب إلى الحالة القصوى، بعد أن كانت في مستوى درجة «حزم2» وهو ما يُبين حجم المخاطر الإرهابية التي تهدّد تونس، والتي بالتفاف كل الشعب حول المؤسستين الامنية والعسكرية ستسقط في الماء وتحبط…

صابر المكشر
جريدة الصباح بتاريخ 26 نوفمبر 2015



المصدر : الصباح نيوز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق